حديث الجمعة

«وقفات مع الهجرة النبوية الشريفة» – يوم الجمعة 2 ربيع الأول 1446 هـ

نص الخطبة التي ألقاها سماحة العلاّمة السيد حسن النمر الموسوي بعنوان «وقفاتٌ مع الهجرةِ النبويةِ الشريفةِ» يوم الجمعة 2 ربيع الأول 1446 هجري في جامع الحمزة بن عبدالمطلب بمدينة سيهات.

بسم اللهِ الرحمنِ الرحيمِ

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على سيدِ الخلقِ وأشرفِ الأنبياءِ والمرسلين محمدِ بنِ عبدِ اللهِ وعلى آلِهِ الطيبين الطاهرين.

ربِّ اشرح لي صدري، ويسِّر لي أمري، واحلل عقدةً من لساني يفقهوا قولي.

اللهم اجعل أعمالَنا خالصةً لوجهِك الكريمِ.

عبادَ اللهِ! أوصيكم ونفسي بتقوى اللهِ.

***

تصادف هذه الأيامَ ذكرى منعطفٍ تاريخيٍّ مهمٍّ، هو هجرةُ النبيِّ الأعظمِ (صلى الله عليه وآله وسلم) من مكةَ المكرمةِ إلى المدينةِ المنورةِ، حيث بدأت مرحلةٌ جديدةٌ من تاريخِ المسلمين، بل البشريةِ.

لذلك، فإن من المناسبِ أن نتعرفَ بإيحازٍ على هذا الحدثِ في وقفاتٍ:

أولاها: دواعي الهجرة

في ما يتعلق بالهجرةِ التي هي استبدالُ موطنٍ بموطنٍ ينبغي القولُ إنها ليست أمراً سهلاً، فلكلِّ إنسانٍ ارتباطاتٌ وتعلقاتٌ نفسيةٌ واجتماعيةٌ ومصلحيةٌ بوطنِهِ، الذي وُلد فيه، وعاش في كنفِهِ، تجعل من هجرتِهِ منه أمراً عسيراً، لا يُلجأ إليها إلا في حالاتِ الضرورةِ الماسةِ.

فإذا كان لهذا الوطنِ قدسيةٌ وتميزٌ، فإن الأمرَ سيكونُ أشدَّ عسراً.

وهذا ما حصل في هجرةِ النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) من مكةَ، فقد كانت كما قال الإمامُ السجادُ (عليه السلام) .. موضعَ رجلِهِ، ومسقطَ رأسِهِ، و مأنسَ نفسِهِ ..‏.

غيرَ أن البقاءَ في مكةَ المكرمةِ والمقدسةِ لم يعد ممكناً، بعد أن تحولت إلى أشبهَ ما تكونُ بالسجنِ الذي لا حريةَ للإنسانِ فيه، بل المكانِ الذي لا كرامةَ له فيه، فقد أوذي (صلى الله عليه وآله وسلم) أشدَّ الأذى في نفسِهِ، وفي أهلِ بيتِهِ، وفي أصحابِهِ، وحيل بينه وبين ما نذر نفسَهُ من أجلِهِ، وهو الدعوةُ إلى اللهِ تعالى، وإصلاحُ الناسِ.

وفي ذلك قال ابنُ إسحاقٍ مؤرخُ السيرةِ النبويةِ فلما رأى رسولُ اللهِ صلى الله عليه [وآله] وسلم ما يصيب أصحابَهُ من البلاءِ، وما هو فيه من العافيةِ، بمكانِهِ من اللهِ ومن عمِّه أبي طالبٍ، وأنه لا يقدر أن يمنعَهم مما هم فيه من البلاءِ، قال لهم: لو خرجتم إلى أرضِ الحبشةِ؛ فإن ‌بها ‌ملكاً ‌لا ‌ُيُظلم ‌عنده ‌أحدٌ، وهي أرضُ صدقٍ، حتى يجعلَ اللهُ لكم فرجاً مما أنتم فيه.

وقد كان ملكُ الحبشةِ ديِّناً عاقلاً منصفاً، وذلك أن قريشاً لاحقت هؤلاء المهاجرين لغرضِ استردادِهم، فبعثت رجلين جَلدين من رجالِها، وهما عبدُ اللهِ بنُ ربيعةَ، وعمرو ابنُ العاصِ، فسعيا بمكرٍ شديدٍ في ذلك فلم يوفقا، وذلك بعد أن بيَّن جعفرُ بنُ أبي طالبٍ رضوانُ اللهِ عليه ما كانوا عليه، وما بعث اللهُ عزَّ وجلَّ رسولَهُ (صلى الله عليه وآله وسلم) من أجلِهِ، في مرافعتِهِ بين يدي الملكِ، حيث قال:

أيها الملك، كنا قوماً أهلَ جاهليةٍ، نعبد الأصنامَ، ونأكل الميتةَ، ونأتي الفواحشَ، ونقطع الأرحامَ، ونسيءُ الجوارَ، ويأكل القويُّ منا الضعيفَ، فكنا على ذلك، حتى بعث اللهُ إلينا رسولاً منا، نعرف نسبّهُ وصدقَهُ وأمانتَهُ وعفافَهُ، فدعانا إلى اللهِ لنوحدَهُ ونعبدَهُ، ونخلعَ ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من الحجارةِ والأوثانِ، وأمرنا بصدقِ الحديثِ، وأداءِ الأمانةِ، وصلةِ الرحمِ وحسنِ الجوارِ، والكفِّ عن المحارمِ والدماءِ، ونهانا عن الفواحشِ، وقولِ الزورِ، وأكلِ مالِ اليتيمِ، وقذفِ المحصناتِ، وأمرنا أن نعبدَ اللهَ وحده، لا نشركُ به شيئاً، وأمرنا بالصلاةِ والزكاةِ والصيامِ.

قالت أمُّ سلمةَ [روايةُ الحادثةِ]: فعدَّد عليه أمورَ الإسلامِ.

فصدقناه، وآمنا به، واتبعناه على ما جاء به من اللهِ، فعبدنا اللهَ وحده، فلم نشرك به شيئاً، وحرَّمنا ما حرَّم علينا، وأحلَلنا ما أحلَّ لنا، فعدا علينا قومُنا، فعذَّبونا، وفتنونا عن دينِنا، ليردونا إلى عبادةِ الأوثانِ من عبادةِ اللهِ تعالى، وأن نستحلَّ من الخبائثِ!

فلما قهرونا وظلمونا وضيَّقوا علينا وحالوا بيننا وبين دينِنا، خرجنا إلى بلادِك واخترناك على مَن سواك؛ ورغِبنا في جوارِك، ورجَونا أن لا نُظلَمَ عندك، أيها الملكُ.

فما كان من النجاشيِّ، بعد أن سمع هذه المقالةَ وهو المتدينُ الصادقُ بالنصرانيةِ ، إلا أن يردَّ وفدَ قريشٍ خائباً، ويؤكدَ على حسنِ ضيافتِهِ لهؤلاء المهاجرين، فقد رأى فيهم امتداداً سليماً لما جاء به عيسى (عليه السلام).

وأما رسولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقد اشتدت معاناتُهُ بعد رحيلِ عمِّهِ وكافلِهِ أبي طالبٍ (عليه السلام)، حتى بلغ الأمرُ بقريشٍ أنها عزمت على سَجنِهِ أو قتلِهِ، وهذا ما قصه اللهُ بقولِهِ ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ ‌يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ [الأنفال: 30].

وكان من مكرِ اللهِ تعالى بقريشٍ أنه أمر نبيَّهُ (صلى الله عليه وآله وسلم) بالهجرةِ إلى يثربَ، التي بُذِرت فيها بذرةُ الإسلامِ، واتسعت دائرةُ المؤمنين برسولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) وما جاء به من دينِ الحقِّ.

لذلك، استعد الرسولُ (صلى الله عليه وآله وسلم) للهجرةِ، بعد أن أوحى اللهُ إليه بما عزمت عليه قريشٌ، إذ اجتمع رؤساؤها في دار الندوةِ، وانتدبوا من أبنائِهم جماعةً كثيرةً لتنفيذِ ما اتفقوا عليه من الهجومِ على دارِ الرسولِ (صلى الله عليه وآله وسلم)، والفتكِ به، غيرَ أن اللهَ تعالى أوقف رسولَهُ (صلى الله عليه وآله وسلم) على ذلك، فأمر عليّاً (عليه السلام) بالمبيتِ في فراشِهِ، ليفديَهُ بنفسِهِ، فاستقبل ذلك بترحابٍ شديدٍ، فكان الفدائيَّ الأولَ في الإسلامِ.

فتيسر لرسولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يخرجَ من مكةَ سالماً ويصلَ إلى يثربَ.

هذا ما يتعلق بدواعي الهجرةِ.

وأما ثاني الوقفاتِ، فهي: فعلُ الهجرةِ

وهذا ما حكاه اللهُ عزَّ وجلَّ ملخصاً بقولِهِ ﴿إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا ‌فِي ‌الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 40].

فقد كانت السكينةُ تحوطُهُ، وملائكةُ اللهِ تؤيده، وذلك أنه كان عبدَ اللهِ ورسولَهُ، وكان الداعيَ إلى الحقِّ بالحقِّ، فكيف لا يحظى بهذه الرعايةِ الربانيةِ!؟

وأما الوقفة الثالثة، فنقف فيها على أهمِّ الإجراءات التي تلت الهجرةَ

ونذكر منها ما يلي:

الإجراء الأول: تأسيسُ مسجد قباءٍ، والمسجد النبويِّ

فقد كان أولَ ما فعله رسولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه لَما قدم منطقةَ قباء أسس فيها مسجداً، وهو الذي جاء فيه قولُ اللهِ تعالى ﴿‌لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ﴾ [التوبة: 108].

ثم أتبعه مباشرةً بتأسيسِ مسجدِهِ في المدينةِ، وهو المسجدُ النبويُّ الشريفُ.

وتأسيسُ المسجدِ حيث يقيم المسلمون هو لازمةٌ من لوازمِ الاجتماعِ الإسلاميُّ، فلا غنى لهم عنه، فهو بيتُ اللهِ الذين يقيمون فيه الصلاةَ التي هي عمودُ الدينِ، وقد جاء التأكيدُ الشديدُ على الصلاةِ في المسجدِ حتى روي عن النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال لا صلاةَ لجارِ المسجدِ إلا في مسجدِهِ.

ثم إن المسجدَ أيها المؤمنون هو المكانُ الذي يُتلقَّى فيه العلمُ بالحِكَمِ والأحكامِ، ويُتعرَّف فيه على معارفِ الدينِ.

والمسجدُ هو المكانُ الذي تترسخ فيه أخوةُ المؤمنين ليؤكدوا فيه على أن ما يجمعهم وهو عبادةُ اللهِ وحده مقدمٌ على ما يمكن أن يفرِّقَهم؛ من انتماءاتِهم الأسريةِ والمناطقيةِ، وميولِهم الفرديةِ، وغيرِ ذلك مما كان سائداً بين الناسِ بشدةٍ قبل الإسلامِ خاصةً.

ولأهميةِ المسجدِ، روي عن أميرِ المؤمنين (عليه السلام) أنه كان يقول مَن اختلف إلى المساجدِ أصاب إحدى الثمانِ: أخاً مستفاداً في اللهِ عزَّ وجلَّ، أو علماً مستطرفاً، أو آيةً محكمةً، أو رحمةً منتظرةً، أو كلمةً ترده عن رَدى، أو يسمع كلمةً تدله على هدى، أو يترك ذنباً خشيةً، أو حياءً.

وأما الإجراء الثاني، فهو: عقد الأخوةِ بين المؤمنين

والأساسُ في ذلك قولُ اللهِ تعالى ﴿‌إِنَّمَا ‌الْمُؤْمِنُونَ ‌إِخْوَةٌ ..﴾ [الحجرات: 10].

فالنبيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم) سعى بأمرٍ من اللهِ في أن يؤسسَ مجتمعاً جديداً يقوم على أساسِ العبوديةِ للهِ، حتى لا يعارضَها نظامٌ اجتماعيٌّ، ولا هوى شخصيٌّ، وهذا يعني أن المؤمنَ أخو المؤمنُ.

وقد كان هذا تحدياً كبيراً؛ فإن الخصوماتِ بين الناسِ آنذاك كانت شديدةً وعميقةً، لهذا ذكَّر اللهُ تعالى رسولَهُ بأن تآخيَ المؤمنين هو منةٌ منه عليه، وأنه ما كان ليقدرَ على ذلك لولا اللهُ، فقال ﴿‌وَإِنْ ‌يُرِيدُوا ‌أَنْ ‌يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [الأنفال: 62-63].

ويقول عزَّ وجلَّ ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ ‌بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ [آل عمران: 103] 

وأما الإجراء الثالث: فقد كان تنظيمَ وثيقةِ المدينةِ

 وذلك أن المدينةَ المنورةَ كان يسكنها وأطرافَها الأوسُ والخزرجُ الذين أسلم غالبيتُهم، وكان يقيم معهم جماعاتٌ من اليهودِ، فكان لا بد من تنظيمِ العلاقةِ بين الطرفين في هذا الاجتماعِ الجديدِ؛ ليسودَ العدلُ بين الجميعِ.

وقد نُظِّمت الوثيقةُ على أن يراعيَ الجميعُ مصلحةَ الجميعِ، فالمصالحُ المشتركةُ يحميها المسلمون واليهودُ، والمسائلُ الخاصةُ تكون في نطاقِ مسؤوليةِ كلِّ طرفٍ، دون تعدٍّ من هذا الفريقِ على ذاك، أو العكسِ.

وبهذه الوثيقةِ أرسى النبيُّ الأعظمُ (صلى الله عليه وآله وسلم) قواعدَ مجتمعٍ جديدٍ انتقل به الناسُ مسلمين وغيرَ مسلمين من طورٍ إلى طورٍ.

واستمر العملُ بهذه الوثيقةِ، حتى ظهرت خيانةُ اليهودِ، فأجلاهم رسولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) عن المدينةِ المنورةِ.

وأما الإجراء الرابع، فقد كان محوَ الأميةِ

ومما ذكره المؤرخون في هذا الصددِ هو أن النبيَّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وجد عمومَ المسلمين أميين لا يقرأون ولا يكتبون، ولازمُ ذلك الجهلُ بما يجب أن يُعلَمَ، وهذا أساسُ التخلفِ والاختلافِ، فأخذ بالسعيِ في محوِ الأمية.

وكان من وسائلِهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) في ذلك أنه جعل من وسائلِ المفاداةِ لأسرى المشركين في بدر أن يعلِّمَ مَن يحسن القراءةَ منهم عشرةً من أبناءِ المسلمين.

وهذا إجراءٌ لم يكن معهوداً، ولا مألوفاً بين الناسِ آنذاك.

إن هذه الإجراءاتِ المتقدمةَ والنافعةَ أيها المؤمنون كانت ببركةِ هجرةِ النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، والتي كانت سبباً في الانتقالِ بمجتمعِ المسلمين من حالٍ إلى حالٍ.

وفي هذا يقول أميرُ المؤمنين (عليه السلام) أما بعد فإن اللهَ سبحانه [وتعالى‏] بعث محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) وليس أحدٌ من العربِ يقرأ كتاباً، ولا يدعي نبوةً ولا وحياً، فقاتل بمن أطاعه مَن عصاه، يسوقهم إلى منجاتِهم، ويبادر بهم الساعةَ أن تنزلَ بهم، يحسرُ الحسيرَ ويقف الكسيرَ، فيقيم عليه حتى يلحقه غايتَهُ، إلا هالكاً لا خيرَ فيه، حتى أراهم منجاتَهم، وبوأهم محلتَهم، فاستدارت رحاهم، واستقامت قناتهم‏.

فصلى اللهُ على رسولِهِ، وأعاننا على شكرِ نعمتِه؛ بطاعةِ اللهِ واجتنابِ معصيتِهِ.

ونسأله أن نكونَ وإياكم ممن يستمعون القولَ فيتبعون أحسنَهُ .

***

اللهم صلِّ على محمدٍ وآلِ محمدٍ.

اللهم كن لوليك الحجةِ بنِ الحسنِ، في هذه الساعةِ، وفي كلِّ ساعةٍ، وليّاً، وحافظاً، وقائداً، وناصراً، ودليلاً، وعيناً؛ حتى تسكنَهُ أرضَك طوعا، وتمتعَهُ فيها طويلاً.

اللهم انصر الإسلامَ والمسلمين، واخذل الكفارَ والمنافقين، واردد كيدَهم إلى نحورِهم، واجعل تدميرَهم في تدبيرِهم، يا قويُّ يا عزيزُ.

اللهم مَن أرادنا بسوءٍ فأرده، ومَن كادنا فكِده.

اللهم اشفِ مرضانا، وارحم موتانا، وأغنِ فقراءَنا، وأصلِح ما فسَد من أمرِ دينِنا ودنيانا، ولا تُخرجنا من الدنيا حتى ترضى عنا، يا كريمُ.

وصلى اللهُ على سيدِنا ونبيِّنا محمدٍ، وعلى آلِهِ الطيبين الطاهرين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *