«صدق الانتماء، وبريق الشعارِ» – يوم الجمعة 25 صفر 1446 هـ
نص الخطبة التي ألقاها سماحة العلاّمة السيد حسن النمر الموسوي بعنوان «صدقُ الانتماءِ، وبريقُ الشعارِ» يوم الجمعة 25 صفر 1446 هجري في جامع الحمزة بن عبدالمطلب بمدينة سيهات.
بسم اللهِ الرحمنِ الرحيمِ
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على سيدِ الخلقِ وأشرفِ الأنبياءِ والمرسلين محمدِ بنِ عبدِ اللهِ وعلى آلِهِ الطيبين الطاهرين.
ربِّ اشرح لي صدري، ويسِّر لي أمري، واحلل عقدةً من لساني يفقهوا قولي.
اللهم اجعل أعمالَنا خالصةً لوجهِك الكريمِ.
عبادَ اللهِ! أوصيكم – ونفسي – بتقوى اللهِ.
***
إن مما يعاني منه الناسُ – أفراداً وجماعاتٍ – هو آفةَ الشعاراتِ البراقةِ وعدمِ تطابقِ الأفعالِ مع الأقوالِ، فإن لهذه الآفةِ مخاطرَ جمةً؛ ومنها فقدانُ الناسِ للثقةِ في ما بينهم، ويترتب على ذلك مفاسدُ كثيرةٌ لا تخفى على أحدٍ.
فإذا لم يصدق الانتماءُ، ولم تطابق الأفعالُ الأقوالَ، فقد الولدُ الثقةَ في أبيه، وفقد الوالدُ الثقةَ في ولدِهِ، وفقدت الأمُّ الثقةَ في أبنائِها، وفقد الأبناءُ الثقةَ في أمِّهم، وقل مثلَ ذلك في الصديقِ وصديقِهِ، وربِّ العملِ ومَن يعمل عنده، والتلميذِ وأستاذِهِ، والأستاذِ وتلميذِهِ، وهكذا لن يبقى حجرٌ على حجرٍ، وسيتفكك المجتمعُ، ليكونَ الناسُ كالجزرِ المنفصلةِ التي لا جسورَ بينها، ولا ينتفع أحدٌ من أحدٍ.
وأقبحُ من ذلك، فإن عدمَ تطابقِ الأفعالَ مع الأقوالِ ينتهي بالناسِ إلى تجاوزِ مرحلةِ عدمِ الثقةِ إلى مرحلةِ الشقاقِ، وصولاً إلى الاحترابِ، لتسودَ بينهم شريعةُ التوحشِ، فيلتهم القويُّ منهم الضعيفَ ظلماً وعدواناً.
وأقبحُ من هذا وذاك، فإن الأفعالَ إذا لم تطابق الأقوالَ فسيكون الإنسانُ ممقوتاً عند اللهِ، ومحروماً من خيرِهِ ولطفِهِ، وسيخرج من ولايةِ الرحمنِ إلى ولايةِ الشيطانِ. وقد قال اللهُ تعالى – في التحذيرِ من هذه الآفةِ – محذراً المؤمنين ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ [الصف: 2-3].
والسؤال: ماذا نعني بصدقِ الانتماءِ وبريقِ الشعارِ، أو عدمِ تطابقِ الأفعالِ مع الأقوالِ؟
نعني بذلك أن يكونَ الإنسانُ صاحبَ قولٍ حسنٍ، وشعارٍ جميلٍ، لكنه في مقامِ الفعلِ لا يلتزم بذلك.
ومثالُهُ: أن يمتدحَ الإنسانُ الصدقَ، لكنه لا يلتزمُ به.
ومثالٌ آخرُ: أن يشيدَ بالأمانةِ، ولا يلتزمُ بها.
ومثالٌ ثالثٌ: أن يبالغَ في تحسينِ فضيلةِ السخاءِ، لكنه واقعٌ في رذيلةِ الشحِّ والبخلِ.
فهذه نماذجُ – من نماذجَ كثيرةٍ – يقع فيها كثيرٌ من الناسِ.
وإذا تلونا كتابَ اللهِ تعالى، فسنجد أن اللهَ تعالى – حذَّر بشدةٍ – من هذه الآفةِ، كما في آيةِ المقتِ التي تلوناها.
وإذا استقرأنا سيرةَ المسلمين الأوائلِ، فسنجد أن بعضَهم قد ابتلي بهذه الآفةِ، بل إن بعضَهم خرج من دائرةِ الإيمانِ إلى دائرةِ النفاقِ بسببِها، أو أنها كشفت عن أنه كان من المنافقين ولم يكن حقّاً من المؤمنين.
ولنسُق بعضَ النماذجِ على ذلك، لنستقبلَ ذكرى رحيلِ الرسولِ الأعظمِ (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد أيامٍ، ونعرفَ عظمَ مصابِنا برحيلِهِ، ونقفَ على ما فاتنا من الخيرِ فنجددَ الحزنَ عليه.
النموذج الأول: ما جاء في قولِ اللهِ تعالى ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا (64) فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء: 64-65].
ففي هاتين الآيتين قرر اللهُ تعالى مجموعةَ حقائقَ:
الحقيقة الأولى: أن سنةَ اللهِ جرت بوجوبِ طاعةِ رسلِهِ.
فليس لأمةٍ من الأممِ أن تخالفَ رسولَها في ما يصدر عنه من أوامرَ ونواهٍ؛ لأنه لا يأمر إلا بوحيٍ، ولا ينهى إلا بوحيٍ.
والآيةُ مطلقةٌ، فلا يستثنى من أوامرِ الرسولِ شيءٌ، ولا يستثنى من نواهيه شيءٌ.
وهذا ما يجب على المؤمنِ – في كلِّ عصرٍ – أن يوطنَ نفسَهُ ويروِّضها عليه، وإلا فإنه سيضلُّ.
قال تعالى ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا﴾ [الأحزاب: 36].
الحقيقة الثانية: أن مخالفةَ الرسولِ (صلى الله عليه وآله وسلم) – في أمرِهِ ونهيِهِ – ظلمٌ للنفسِ أولاً، ومعصيةٌ للهِ تعالى ثانياً، وهذان ضرران بالغان لا يُتخلَّص منهما إلا بالاستغفارِ ثالثاً، وأن الخضوعَ بين يدي الرسولِ والتوسلَ إلى اللهِ تعالى به هو الطريقُ إلى غفرانِ اللهِ رابعاً.
الحقيقة الثالثة: أن مَن لا يخضع لحكمِ الرسولِ (صلى الله عليه وآله وسلم)، ويسلِّمُ له، يخرج من دائرةِ الإيمانِ خروجاً نهائيّاً، ولا ينفعه حينئذٍ شعارٌ يرفعُهُ، ولا شهادةٌ تقال في حقِّهِ.
ولا بد من التنبيهِ إلى أن التسليمَ لله ولرسولِهِ يشمل التسليمَ العمليَّ والنظريَّ، والشاهدُ على ذلك ما رواه الشيخُ الكلينيُّ، بسندِهِ، عن عبدِ اللهِ الكاهليِّ، قال “قال أبو عبدِ اللهِ (عليه السلام): لو أن قوماً عبدوا اللهَ وحده لا شريكَ له، وأقاموا الصلاةَ، وآتوا الزكاةَ، وحجُّوا البيتَ، وصاموا شهرَ رمضانَ، ثم قالوا لشيءٍ صنعه اللهُ، أو صنعَه رسولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلم)، ألا صنَع خلافَ الذي صنَع؟! أو وجدوا ذلك في قلوبِهم! لكانوا بذلك مشركين.
ثم تلا هذه الآيةَ {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65].
ثم قال أبو عبدِ اللهِ (عليه السلام): عليكم بالتسليمِ“.
النموذج الثاني: ما جاء في قولِ اللهِ تعالى ﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (66) وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (67) وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (68) وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا﴾ [النساء: 66-70].
وهذه الطائفةِ من الآياتِ تنبه إلى مجموعةِ حقائقَ:
الحقيقة الأولى: أن في المسلمين الأوائلِ، ومثلُهم مَن جاء بعدهم، مَن إذا أُمِر لا يأتمر، وإذا نُهي لا ينتهي، وأن مَن امتثل ويمتثل منهم إنما هو القليلُ.
الحقيقة الثانية: أن مخالفةَ التعاليمِ الإلهيةِ ليس فيها إلا الضررُ، وأما الخيرُ الذي ينشده الإنسانُ بفطرتِهِ فلا يوجد إلا في امتثالِ أوامرِ اللهِ ونواهيه.
الحقيقة الثالثة: أن في امتثالِ التعاليمِ الإلهيةِ خيرَ الدراين، وبالطبعِ فإنه لا يقاس خيرُ الدنيا بخيرِ الآخرةِ، فإذا كان في الدنيا نفعٌ ماديٌّ فهو محدودٌ من كلِّ جهةٍ، وأما نفعُ الآخرةِ فهو غيرُ محدودٍ من كلِّ جهةٍ.
ولو لم يوعَد المطيعون تعاليمَ اللهِ، والمسلِّمون له ولرسولِهِ، إلا بمرافقةِ النبيين والصديقين والشهداءِ والصالحين لكفى بذلك وعداً لا يفرِّط فيه إلا الحمقى!
النموذج الثالث: ما جاء في قولِ اللهِ تعالى ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (166) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ﴾ [آل عمران: 166-167].
والآيةُ تتناول ما جرى يومَ أحدٍ؛ من كشفٍ لزيفِ مَن زعم أنه من المؤمنين لأنه رفع شعارَ الإيمانِ، ولم يكن منهم لأن الواقعَ كذَّبه، فقد أذن اللهُ للهزيمةِ أن تحلَّ بالمسلمين ليبينَ الخبيثُ من الطيبِ، فيُعرفَ المنافقُ من المؤمنُ، وليمتازَ المؤمنُ القويُّ من المؤمنِ الضعيفِ، فقد اختلط الحالُ – قبل يومِ أحدٍ – على كثيرٍ من الناسِ، حتى لم يُعرف الصادقون في إيمانِهم من الكاذبين، والأقوياءُ في إيمانِهم من الضعفاءِ، فلما تخلف مَن تخلف رُفِع الستارُ عن نفاقِ المنافقين، وكُشف زيفُهم، ولَما فرَّ من فرَّ عُرف مضمونُ قولِ اللهِ تعالى ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾ [الأحزاب: 23]، وبان أن القولَ والشعارَ شيءٌ، والانتماءَ والفعلَ شيءٌ آخرُ.
فليس كلُّ مَن حسُن قولُهُ حسُن فعلُهُ، ولا كلُّ مَن حسُن شعارُهُ صدق انتماؤُهُ.
النموذج الرابع: ما رواه الإمامُ الباقرُ (عليه السلام) أن رسولَ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال – في حديثٍ -:
“ألا أنبئكم لِـم سمي المؤمنُ مؤمناً؟!
لإيمانِهِ الناسَ على أنفسِهم وأموالِهم.
ألا أنبئكم مَن المسلمُ؟!
مَن سلم الناسُ [من] يدِهِ ولسانِهِ.
ألا أنبئكم بالمهاجرِ؟!
مَن هجر السيئاتِ، وما حرَّم اللهُ عليه ..“
وهذا الحديث الشريفُ الذي يرويه الفريقان – بألفاظٍ متقاربةٍ – يفيد أن ثمةَ التباساً قد يحصل في أذهانِ الناسِ في ما يتعلق بمدلولاتِ الألفاظِ، بأن تُطلقَ الكلمةُ ويراد بها معنى غيرُ الذي وضعت له بدون مسوغٍ.
فمفردةُ الإيمانِ ومشتقاتها، ومفردةُ الإسلامِ ومشتقاتها، ومفردةُ الهجرةِ ومشتقاتُها، ليست مجردَ شعاراتٍ براقةٍ يَفتخر بها هذا وذاك من الناسِ، بل هي أفعالٌ ومضامينُ يكشف عنها الشعارُ.
فالإيمانُ مجموعةُ تصوراتٍ دقيقةٍ عن اللهِ والكونِ، مستندةٍ إلى أدلةٍ وبراهينَ، تتحول إلى اعتقاداتٍ في القلبِ، ثم تُترجم في السلوكِ مع الخالقِ والخلقِ.
ومن أهمِّ تطبيقاتِهِ أن يأمنَ الناسُ – جميعُ الناسِ – على أنفسِهم وأموالِهم من المؤمنِ، فلا يخشونه على شيءٍ من ذلك.
والإسلامُ انتماءٍ لدينِ اللهِ، يعقبه تطبيقٌ عمليٌّ له، يسلم الناسُ معه من أذى مَن يُنسب إلى الإسلامِ إلا بالحقِّ.
وكانت الهجرةُ عملاً نبيلاً، أريد به القطيعةُ التامةُ بين الإسلامِ والكفرِ، وكان الانتقالُ الجغرافيُّ من بقعةٍ إلى بقعةٍ في فترةٍ زمنيةٍ محددةٍ هو التعبيرَ العمليَّ والشكليَّ لهذه القطيعةِ.
وعلى هذا الأساسِ، صار للمهاجرين إلى المدينةِ المنورةِ في زمنِ النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) مكانةٌ واعتبارٌ لا يدانيه سوى مكانةِ الأنصارِ، مع شيءٍ من التميزِ للأولِ.
والذي حصل هو أنه مع مرورِ الزمنِ صار الناسُ يفاخرون بالمصطلحِ والشعارِ؛ أي بالإيمانِ، والإسلامِ، والهجرةِ، وغفلوا عن الفعلِ والمضمونِ.
فجاء هذا التوجيهُ النبويُّ الشريفُ ليصححَ الفهمَ والمسارَ.
وقد روى الشيخ الكلينيُّ، بسندِهِ، عن هشامٍ بنِ سالمٍ، قال “سمعتُ أباعبد اللهِ (عليه السلام) يقول: عِدةُ المؤمنِ [أي وعدُهُ] أخاه نذرٌ لا كفارةَ له، فمن أخلف فبخلفِ اللهِ بدأ، ولِمَقتِهِ تعرَّض. وذلك قولُهُ ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ [الصف: 2-3]”.
فنحن – أيها المؤمنون – بين صدقِ الانتماءِ وبريقِ الشعارِ، والمطلوب أن نكونَ أصحابَ صدقٍ قبل أن نكونَ أصحابَ شعارٍ، فلا قيمةَ للشعار دون الفعلِ، ولا معنى للاسمِ دون المسمى.
نسأل اللهَ أن نكونَ وإياكم ممن يستمعون القولَ فيتبعون أحسنَهُ .
***
اللهم صلِّ على محمدٍ وآلِ محمدٍ.
اللهم كن لوليك الحجةِ بنِ الحسنِ، في هذه الساعةِ، وفي كلِّ ساعةٍ، وليّاً، وحافظاً، وقائداً، وناصراً، ودليلاً، وعيناً؛ حتى تسكنَهُ أرضَك طوعا، وتمتعَهُ فيها طويلاً.
اللهم انصر الإسلامَ والمسلمين، واخذل الكفارَ والمنافقين، واردد كيدَهم إلى نحورِهم، واجعل تدميرَهم في تدبيرِهم، يا قويُّ يا عزيزُ.
اللهم مَن أرادنا بسوءٍ فأرده، ومَن كادنا فكِده.
اللهم اشفِ مرضانا، وارحم موتانا، وأغنِ فقراءَنا، وأصلِح ما فسَد من أمرِ دينِنا ودنيانا، ولا تُخرجنا من الدنيا حتى ترضى عنا، يا كريمُ.
وصلى اللهُ على سيدِنا ونبيِّنا محمدٍ، وعلى آلِهِ الطيبين الطاهرين.