حديث الجمعة

«خطر الغفلةِ على صناعة الإنسان» – يوم الجمعة 14 شوال 1444 هـ

نص الخطبة التي ألقاها سماحة العلاّمة السيد حسن النمر الموسوي بعنوان «خطر الغفلةِ على صناعة الإنسان» يوم الجمعة 14 شوال 1444 هجري في جامع الحمزة بن عبدالمطلب بمدينة سيهات.

بسم اللهِ الرحمنِ الرحيمِ

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على سيدِ الخلقِ وأشرف الأنبياءِ والمرسلين محمدٍ بنِ عبدِ اللهِ وعلى آلِهِ الطيبين الطاهرين.

ربِّ اشرح لي صدري، ويسر لي أمري، واحلل عقدةً من لساني يفقهوا قولي.

اللهم اجعل أعمالَنا خالصةً لوجهِك الكريمِ.

***

عبادَ اللهِ! أوصيكم – ونفسي – بتقوى اللهِ؛ فإن الأمرَ بها ليس حديثاً وعظيّاً صِرفاً كما قد يُتوهم، وإنما هو تنبيهٌ إلى ما يجب التنبهُ له من علمٍ لازمٍ، وعملٍ واجبٍ، لِمن كان له قلبٌ أو ألقى السمعَ وهو شهيدٌ.

فالإنسانُ بدون تقوى لا يكون إنساناً؛ لأنه كما يقول أميرُ المؤمنين (عليه السلام) – “في مهلةٍ من اللهِ، يهوي مع الغافلين،‏ ويغدو مع المذنبين، بلا سبيلٍ قاصدٍ، ولا إمامٍ قائدٍ”[1].

 

وإن منافياتِ التقوى، وعوائقِ صناعةِ الإنسانِ الإنسانِ، أن يرتكسَ الإنسانُ في الغفلةِ، وهي الضدُّ لِما تناولناه في الأسبوعِ الماضي، أعني المراقبةَ.

فبقدرِ ما تعدُّ المراقبةُ ضرورةً، فإن الغفلةَ – وأشباهَها – ضررٌ؛ خصوصاً في الأمورِ الحساسةِ، والمسائلِ المصيريةِ.

فما هي الغفلةُ؟

الغفلةُ وصفٌ يقال للإنسانُ إذا ترك الشيءَ، وأهمله، أو نسيه وأعرض عنه.

والغفلةُ إنما تكون عيباً وذمّاً إذا كان المغفولُ عنه واجباً أو مندوباً إليه بحكمِ النقلِ، أو لازماً ومستحسناً بحكمِ العقلِ.

وقد عُرِّفت الغفلةُ بتعاريفَ عديدةً، منها أنها “‌فقدُ ‌الشعورِ ‌بما ‌حقُّهُ ‌أن يُشَعر ‌به”، أو إنها “الذهولُ عن الشيءِ”، أو إنها “سهوٌ يعتري [الإنسانَ] من قلةِ التحفظِ والتيقظِ”، أو إنها “متابعةُ النفسِ على ما تشتهيه”[2].

ومن جميلِ ما عُرِّفت به الغفلةُ إنها “إبطالُ الوقتِ بالبطالةِ”[3].

وقد تتعلق الغفلةُ بأصلِ الشيءِ، وقد تتعلق بتفاصيلِهِ.

وأما أسبابُ الغفلةِ، وصورُها، فكثيرةٌ منها ما يكون عن سهوٍ، ومنها ما يكون عن عمدٍ.

ويشتد ضررُ الغفلةِ، ويتأكدُ، تبعاً لأهميةِ المغفولِ عنه، وقد لا يكون الغافلُ آثماً لكنه قليلُ الحظِّ حيناً، وعديمُهُ حيناً آخرَ، ومعاقَبٌ حيناً، وهالكٌ حيناً آخرَ.

والحديثُ عن الغفلةِ أوسعُ من أن يحاطَ به في خطبةٍ قصيرةٍ، غيرَ أن هذا لا يعني أن لا يُتعرضَ له بما هو لازمٌ، فنقول:

أولاً: لقد تمدح اللهُ تعالى بنفيِ الغفلةِ عن نفسِهِ

 فقال في غيرِ آيةٍ ﴿وَمَا اللَّهُ ‌بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ [البقرة: 74، 85، 149، آل عمران 99، ]، وقال ﴿وَمَا رَبُّكَ ‌بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ [هود: 123، النمل 93]، وقال ﴿وَمَا اللَّهُ ‌بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ﴾ [البقرة: 144، الأنعام: 132]، وقال ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ ‌غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ﴾ [إبراهيم: 42]، ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ ‌غَافِلِينَ﴾ [المؤمنون: 17].

وهذا التمدحُ يعني أن نفيَ الغفلةِ، وتجنبَها صفةُ كمالٍ، وعليه، فإن تجنبَها محمودٌ، والتخلصَ منها مطلوبٌ.

ثانياً: إن اللهَ عزَّ وجلَّ ذم الغفلةَ ببيانِ آثارِها المدمرةِ، وذمَّ الغافلين ببيانِ مآلاتِهم

وذلك في مواضعَ من القرآنِ، منها قولُهُ تعالى ﴿وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي ‌غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [مريم: 39]، ومنها قولُهُ تعالى – في موضعٍ ثانٍ -﴿اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي ‌غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ ﴾ [الأنبياء: 1] ، وقولُهُ في موضعٍ ثالثٍ ﴿وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَاوَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي ‌غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ﴾ [الأنبياء: 97] وقولُهُ – في موضعٍ رابعٍ – ﴿لَقَدْ كُنْتَ فِي ‌غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾ [ق: 22] ، وقولُهُ – في موضعِ خامسٍ – ﴿وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١٥٥) أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ ‌لَغَافِلِينَ﴾ [الأنعام: 155-156].

ثالثاً: لقد نهينا صراحةً عن الغفلةِ

فقد قال تعالى – آمراً نبيّهَ الكريمَ (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي هو أسوةٌ حسنةٌ لنا إن كنا مؤمنين – ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ ‌الْغَافِلِينَ﴾ [الأعراف: 205].

وروى الشيخُ الصدوقُ، عن أبي عبدِ اللهِ الصادقِ (عليه السلام) أنه قال “إياكم والغفلةَ؛ فإنه مَن غفَل‏ فإنما يَغفل‏ عن نفسِهِ، وإياكم والتهاونَ بأمرِ الله ِعزَّ وجلَّ فإنه مَن تهاون بأمرِ اللهِ أهانه اللهُ يوم القيامة”[4].

رابعاً: إن لنا عدوّاً متربصاً يرجو لنا الشرَّ عاجلاً وآجلاً، فلا معنى للغفلةِ

وقد روى الشيخُ الصدوقُ، عن الإمامِ الصادقِ (عليه السلام) أنه قال في حديثٍ – “إنْ كانَ الشيطانُ عدوّاً فالغفلةُ لماذا؟! ..”[5].

خامساً: إن الغفلةَ تعبث بنظامِ التفكيرِ

فقد روى الشيخُ الصدوقُ، بسندِهِ، عن الرضا (عليه السلام)، عن أبيه موسى بن جعفر (عليه السلام)، قال “رأى الصادقُ (عليه السلام) رجلاً قد اشتد جزعُهُ على ولدِهِ! فقال: يا هذا جزعتَ للمصيبةِ الصغرى، وغفلتَ‏ عن المصيبةِ الكبرى! ولو كنتَ لِما صار إليه ولدُك مستعدّاً لَما اشتدَّ عليه جزعُك، فمصابُك بتركِكَ الاستعدادَ أعظمُ من مصابِك بولدِك”[6].

فلا محيصَ – أيها المؤمنون والمؤمناتُ – عن الجديةِ التامةِ، والتي لا تتلاءم مع الجهلِ، ولا مع الكسلِ، ولا مع الرخاوةِ، فضلاً عن التفاهةِ، ناهيك عن اللهوِ المحرمِ والاشتغالِ بالذنوبِ والمعاصي، ومَن لا يكون كذلك فقد وقع في الغفلةِ أراد أو لم يرد! أذعن بذلك أو كابر!

وقد روي عن أميرِ المؤمنين (عليه السلام) كلامٌ جامع في الغفلةِ، وهو قولُهُ “جُمِع الخيرُ كلُّهُ في ثلاثِ خصالٍ: النظرِ، والسكوتِ، والكلامِ. فكلُّ نظرٍ ليس فيه اعتبارٌ فهو سهوٌ، وكلُّ سكوتٍ ليس فيه فكرةٌ فهو غفلةٌ، وكلُّ كلامٍ ليس فيه ذكرٌ فهو لغوٌ.

فطوبى لِمن كان نظرُهُ عِبَراً، وسكوتُهُ فكراً، وكلامُهُ ذكراً، وبكى على خطيئتِهِ، وأمن الناسُ شرَّهُ”[7].

وأما الخطرُ العظيمُ من وراء الغفلةِ، فقد بينه ما روي في الحديثِ القدسي أن اللهَ تعالى قال لعيسى (عليه السلام) “..لا تغفل‏ فإن الغافلَ‏ مني بعيدٌ ..”[8].

فأن لا تكونَ – أيها العزيزُ – غافلاً يعني أن تكونَ مع اللهِ، وإذا كنت مع اللهِ كان اللهُ معك، ومن كان اللهُ تعالى معه حاز الخيرَ كلَّهُ، والشرفَ كلَّهُ.

والغافلُ أسوأُ حالاً من الأنعامِ، فقد قال تعالى {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف: 179].

وقال تعالى – في الحثِّ على تقواه وتقديمِ العملِ المرضيِّ عنده، والتحذيرِ من الغفلةِ – ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١٨) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ ‌نَسُوا ‌اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (١٩) لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ [الحشر: 18-20].

وأما كيف يعرف الإنسانُ أنه قد وقع في حبالةِ الغفلةِ، فإن لذلك علاماتٍ، منها :

أولا: شدةُ التعلقِ بالدنيا

قال تعالى {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} [الروم: 7]، وقال تعالى {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف: 28].

ثانياً: تركُ العملِ بما أوجبه اللهُ، وندب إليه

فقد روي عن لقمانَ الحكيمِ (عليه السلام) أنه قال – في حديثٍ – “.. للغافلِ‏ ثلاثُ علاماتٍ: السهوُ، واللهوُ، والنسيانُ ..”[9].

وأضاف الإمامُ الصادقُ (عليه السلام) على ما قاله لقمانَ – مخاطباً صاحبَهُ حمادَ بن عيسى راوي الخبر – قائلاً “.. ولكلِّ واحدةٍ من هذه العلاماتِ شعبٌ، يبلغ العلمُ بها أكثرَ من ألفِ بابٍ، وألفِ بابٍ، وألفِ بابٍ!

فكن – يا حمادُ! – طالباً للعلمِ في آناءِ الليلِ وأطرافِ النهارِ، فإن أردتَ أن تقرَّ عينُك، وتنالَ خيرَ الدنيا والآخرةِ، فاقطع الطمعَ مما في أيدي الناسِ، وعُدَّ نفسَك في الموتى، ولا تُحدثنَّ نفسَك أنك فوق أحدٍ من الناسِ، واخزِن لسانَك كما تخزِنُ مالَك”[10].‏

وهذا الحديثُ الشريفُ بما قاله لقمانُ (عليه السلام)، وما أضافه إليه الإمامُ الصادقُ (عليه السلام)، يكشف عن أن أبوابَ الغفلةِ كثيرةٌ، ودقيقةٌ، ومتشعبةٌ، غيرَ أن طريقَ الخلاصِ منها ميسورٌ ومتاحٌ لكلِّ أحدٍ، بشرطين اثنان، هما: العلمُ، والعملُ.

وهذا الشرطان هما ما بيَّنهما الله ُ تعالى بقولِهِ ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي ‌الَّذِينَ ‌يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (٩) قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [الزمر: 9-10].

فالعلمُ بما يريده اللهُ والتزامُهُ، والعلمُ بما لا يريده وتجنبهُ، هو ما يحقق الإحسانَ والتقوى، وهو ما ينفي الغفلةَ عن الإنسانِ، ولا يكونُ ذلك إلا بذكرِ اللهِ الدائمِ.

قال اللهُ تعالى {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ (205) إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ} [الأعراف: 205، 206]

ولا بد من إلفاتِ النظرِ إلى أن ذكرَ اللسانِ على أهميتِهِ، وثوابِهِ العظيمِ، فإنه شكلٌ من أشكالِ الذكرِ، فقد جاء في خبرٍ رواه الشيخُ الكلينيُّ، بسندِهِ، عن حسينِ البزارِ، قال “قال لي أبو عبدِ اللهِ (عليه السلام): ألا أحدثك بأشدِّ ما فرض اللهُ عزَّ وجلَّ على خلقِهِ؟! قلت: بلى! قال: إنصافُ الناسِ من نفسِك، ومواساتُك لأخيك، وذكرُ اللهِ في كلِّ موطنٍ. أما إني لا أقولُ: سبحانَ اللهِ، والحمدُ للهِ، ولا إلهَ إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ. وإن كان هذا من ذاك، ولكن ذكرُ اللهِ في كلِّ موطنٍ إذا هجمتَ على طاعةٍ أو معصيةٍ”[11].

فذكرُ اللهِ تعالى هو استحضارُهُ في الوعيِ واللاوعيِ، بالعيشِ معه في القيامِ والقعودِ، والصحةِ والمرضِ، ومع الزوجةِ والأولادِ، والبيعِ والشراءِ، وفي جميعِ أحوالِ الإنسانِ، فقد قال الله تعالى ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (٣٧) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [النور: 37-38] 

أعاذنا اللهُ وإياكم من الغفلةِ والغافلين، وجعلنا وإياكم من الذاكرين، وممن يستمعون القولَ فيتبعون أحسنَهُ.

***

اللهم صلِّ على محمدٍ وآلِ محمدٍ.

اللهم كن لوليك الحجةِ بنِ الحسنِ، في هذه الساعةِ، وفي كلِّ ساعةٍ، وليّاً، وحافظاً، وقائداً، وناصراً، ودليلاً، وعيناً؛ حتى تسكنَهُ أرضَك طوعا، وتمتعَهُ فيها طويلاً.

اللهم انصر الإسلامَ والمسلمين، واخذل الكفارَ والمنافقين.

اللهم مَن أرادنا بسوءٍ فأرده، ومَن كادنا فكِده.

اللهم اشفِ مرضانا، وارحم موتانا، وأغنِ فقراءَنا، وأصلِح ما فسَد من أمرِ دينِنا ودنيانا، ولا تُخرجنا من الدنيا حتى ترضى عنا، يا كريمُ.

وصلى اللهُ على سيدِنا ونبيِّنا محمدٍ، وعلى آلِهِ الطيبين الطاهرين.

 

[1] نهج البلاغة، الخطبة 153.

[2] تاج العروس من جواهر القاموس 30/ 109، مادة (غفل).

[3] تفسير التستري ص 97، في تفسير الآية 28 من سورة الكهف.

[4] ثواب الأعمال 203.

[5] أمالي الصدوق، المجلس (2)، الحديث (5).

[6] عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2/5.

[7] أمالي الصدوق، المجلس (8)، الحديث (2).

[8] أمالي الصدوق، المجلس (78)، الحديث (1).

[9] الخصال 1/122، باب الثلاثة.

[10] م ن.

[11] أصول الكافي، وعنه: وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، ج 15، ص 255، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس، الباب 23 – وجوب اجتناب المحارم، الحديث 10.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *